إثنا عشر منظورا حول الترجمة (الجزء الأول)

تتعدد الأراء حول مهنة الترجمة بتعدد زوايا الرؤية عند المشتغلين بها من أفراد، وبتعدد الثقافات واللغات. وهذه إثنا عشر زاوية يمكنكم من خلالها النظر بعيون كتاب ومترجمين وناشرين إلى بعض المشاكل والتحديات التي تواجههم أثناء العمل بالترجمة أو أثناء التعامل مع المترجمين. ونظرا لطول المقالة ولتفادي الإطالة سأقسم الترجمة إلى 3 أجزاء.

قمت بترجمة المقالة التالية من صحيفة “إلباييس” El país”، وكان العنوان الأصلي “Doce visiones sobre la traducción” والتي صدرت بتاريخ 26 غشت 2016.

1472203561_568371_1472218620_sumario_normal

 

تقوم الترجمة، التي تعد منذ القدم مهنة ذات أجر وقيمة ضئيلين، باتهام عدم الاستقرار وتوسيع نطاقها بالممارسات التي تشدد الخناق على اللغة الإسبانية. يقوم بعض العشرات من المثقفين، من كتاب ومترجمين وناشرين، بالإدلاء بدلوهم حول الواقع الذي تعيشه المهنة والتحديات التي تعرفها.

 

  • بيرناردو أتشاغا، كاتب باسكي (من إقليم الباسك):

“إن الترجمة لوحة فنية، والفرق بين ترجمة جيدة وأخرى رديئة كالفرق بين السماء والأرض. نأخذ مثلا ترجمات الشعر إلى اللغة الإسبانية فهي جيدة جدا.

“حسب تجربتي، فإن اللغات سائلة كالمجاري، في بادئ الأمر عندما يشرع المرء بالكتابة بلغة ما يحس وكأنه يذهب بالنص كما يحلو له هو، لأن هناك إرادة الأسلوب وإرادة الحكي. هب أنك تحاول الذهاب بالنص فعلا حيث أنت تريد، هناك ستظهر بشكل واضح قوة أخرى تصارعك من ناحيتها، قوة المعاني الضمنية، التي تجعلك كما لو كنت تسبح ضد التيار. فمثلا إذا كتبت نفس النص في الصباح باللغة الباسكية وفي المساء باللغة الإسبانية فمن الصعب أن يكون هناك تطابق بين النصين.”

“قمت بترجمة بعض أشعاري لدار النشر “بيسور” “Visor”. عندما كتبت أشعاري الأولى كنت آنذاك متأثرا جدا بالأعمال الطلائعية، كنت منتشيا جدا بهذا الانتماء. وقد لحظت ذلك بوضوح عندما شرعت في الترجمة. صراحة، وصل بي الحد أن شعرت بالخجل، حتى أني فكرت في اغتنام الفرصة والتدخل في النص لتصحيحه. وهنا يكمن الفرق بين المترجم والكاتب: ليس لدى المترجم الحرية التي لدى الكاتب.

 

  • مايتي غاييغو، مترجمة إلى الإسبانية لبعض الكتاب كالروائي الحائز على جائزة نوبل، باتريك موديانو:

“لايمكنك تغريب الكتاب. على سبيل المثال، تلك العادة عند الناس في عدم استعمال كلمة “كوخير” (كلمة إسبانية تعني ضاجع في بعض دول أمريكا الجنوبية وتعني أمسك في إسبانيا). سأقولها لكم صراحة: “يؤسفني ذلك لكني لن أقبل بأن تغيروا كلمتي هذه بأي مصطلح أخر، لأن “أمسك” شيء و”تمسك” شيء أخر تماما أما “تعلق ب” فتساعدني على رفع مستوى لغة النص الذي أنا بصدده. في حالات كهذه، سيستسلم المترجم المبتدئ، أو الشخص غير المكافح، أو الذي يعاني من حالة مادية مزرية في عمله.”

“بعض دور النشر يطالبونك بلغة إسبانية عامية لأنهم يعتقدون أن القراء يريدون ذلك. أما عن الكتاب فقد تكون لهم لغة عامية أو لا تكون لهم. حدث مرة أن كنت أترجم رواية سئم البطل فيها من حاسوبه فأنزله إلى الشارع فتركه في el arroyo “الرصيف” (تعني في اللغة الإسبانية “الشارع” و “جدول الماء”). هنا قال لي المصحح: ‘ماذا تعني ب el arroyo ؟ فأجبته: هو مكان بين قارعة الطريق ورصيف الشارع ومنه يمر ماء المطر نحو البالوعة’. فقال: لا أحد يسميه كذلك، ثم كيف يمكننا التفريق بين هذا والجدول الذي في البوادي؟. بالسياق، أجبته. بالمناسبة، من أين أتت في رأيك كلمة  “mujeres del arroyo” (فتيات الرصيف)؟ هل كن سيدات بغيات تجبن أرصفة البوادي مثلا؟

“نسبة القراءة عند غالبية الشباب، ماعدا بعض الاستثناءات المحمودة، ضعيفة جدا. و يقرءون ما هو عصري على الخصوص ولا يعرفون المصطلحات العتيقة في الأدب. ولا يمكنك أن تصير مترجما أدبيا ما لم تتوفر على رصيد وافر من القراءة”.

 

  • كارلوس فورتيا، رئيس جمعية التراجمة ACCET:

“إن محاولة دور النشر فرض لغة إسبانية محايدة لتمكين توزيع الكتب على ضفتي المحيط الأطلسي تؤدي أحيانا إلى أمور غير مستحبة ويرثى لها، كما هو الشأن بالنسبة لمترجم أرجنتيني عند قيامه بترجمة ويكون عليه الانسلاخ من “أرجنتينيته” لكي يتمكن من نشر ترجمته في إسبانيا، وهو ما يعتبر خرقا لحقوقه القانونية والأخلاقية”.

“إنه نقاش مغرض يصادم اللغة الإسبانية لشبه الجزيرة الإيبيرية (إسبانيا) بالإسبانية التي يتحدثها الأرجنتين والمكسيك، أي الدول التي تتوفر على صناعة دور نشر قوية، في حين لا تكاد تجد مثل هذا النقاش في الدول ذات التأثير الضعيف كبوليفيا أو كوستاريكا، اللذان يتوفران كذلك على نوع من اللغة مختلف عن الذي تجده في الأرجنتين والمكسيك”.

“إن ارتفاع مستوى الجودة في الترجمة معرض للخطر بسبب تقهقر شروط العمل. فعندما ترى أسعار الترجمة في انخفاض هذا لا يعني أنه سيسمح للمترجم بالقيام بترجمة رديئة، وإنما لكي يستطيع العيش سيتوجب عليه العمل لساعات أكثر وهذا، بلا شك، سيؤثر على جودة ترجمته. إنها معضلة لا نرى لها تجاوب من جانب دور النشر الذين يخفضون الأسعار مهما كانت الظروف، وهذا في حد ذاته يقلل من احترام القارئ الذي له الحق في قراءة منتوج جيد، ولن نحصل على ذلك المنتوج الجيد إلا إذا قام به مترجم محترف يتقاضى أجورا جيدة”.

 

  • لوث غوميز، أستاذة الدراسات العربية والإسلامية في الجامعة المستقلة بمدريد “Autónoma de Madrid” ومترجمة: 

“إن الترجمة تثري اللغة الإسبانية وذلك بإظهارها للغة الحاجة لخلق مصطلح جديد، لإدخال كلمات جديدة (مولدة)”.

“إن من أكبر المعضلات التي تواجه الترجمة اليوم هو سيرنا خطوات للوراء فيما يتعلق بالاعتراف بهذه الأخيرة. فخلال سنوات عديدة تم الصراع من أجل الاعتراف بحقوق المترجم في أمور لعلها تكون رمزية كما هو الشأن بالنسبة لظهور إسم المترجم على الغلاف، أو على الأقل على الغلاف الداخلي. وللأسف شهد هذا الموضوع تراجعا في السنوات الأخيرة”.

“من الصعوبة أن تجد دار نشر تهتم بمشروع ترجمة من اللغة الأردية أو العربية أو البنغالية لأن المجتمع غير مهتم بهذه الثقافات، التي يعتريها الانحطاط والمهانة”.

 

ترجمة: عبدالمغيث البري.

ملاحظة:

  • هذه الترجمة هي فقط مبادرة مني، لم أتقاضى عنها شيئا، هي فقط خواطر كسابقاتها.
  • يمكن التعليق على الترجمة والتنبيه إلى الأخطاء، فليس هناك ترجمة كاملة.

أضف تعليق